يكتب باتريك وينتور، المحرر الدبلوماسي في الجارديان، أن الناشط البريطاني المصري علاء عبد الفتاح وصل إلى لندن بعد أن رفعت الحكومة المصرية حظر السفر الذي فرضته عليه، رغم الإفراج عنه من السجن في سبتمبر الماضي، منهية فصلًا طويلًا من القيود التي لاحقته بعد سنوات من الاعتقال.

 

تذكر صحيفة الجارديان  أن السلطات المصرية منعت عبد الفتاح سابقًا من مغادرة القاهرة، رغم الإفراج الرئاسي عنه، وأوقفت محاولة سفره إلى لندن في نوفمبر، قبل أن تنجح مفاوضات لاحقة في التوصل إلى ترتيب يسمح له بالتنقل بين القاهرة ولندن من دون استبعاده نهائيًا من مصر.

 

عقد من السجن والمعاناة

 

قضى علاء عبد الفتاح ما يقرب من عشر سنوات خلف القضبان بشكل شبه متواصل، بسبب مواقفه المعارضة لطريقة تعامل الدولة المصرية مع المعارضين السياسيين. واجه تمديدًا فعليًا لاحتجازه عندما رفضت السلطات احتساب فترة الحبس الاحتياطي ضمن مدة الحكم الصادر بحقه، ما أدى إلى بقائه في السجن عامين إضافيين بعد انتهاء عقوبته البالغة خمس سنوات.

 

أثار هذا الوضع احتجاجات واسعة من أسرته ومنظمات حقوقية دولية، خاصة مع حرمانه من زيارة قنصلية بريطانية، إذ أنكرت السلطات المصرية اعترافها بحمل عبد الفتاح للجنسية البريطانية إلى جانب المصرية. وفي تلك الأثناء، خاضت والدته ليلى سويف إضرابًا عن الطعام استمر ثمانية أشهر، ودخلت المستشفى أكثر من مرة، في محاولة للضغط على الحكومة البريطانية للتحرك.

 

ضغوط دبلوماسية ولمّ شمل

 

كثّف مسؤولون بريطانيون اتصالاتهم بالقاهرة خلال الأشهر الماضية، فأجرى رئيس الوزراء كير ستارمر ثلاث مكالمات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما تدخّل مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول بشكل مباشر للمطالبة بإنهاء احتجاز عبد الفتاح والسماح له بحرية الحركة. ورغم هذا الضغط، استمر التعنت الرسمي لفترة، قبل أن تطرأ تغييرات داخل السفارة المصرية في لندن أسهمت، وفق تقديرات مراقبين، في تليين الموقف.

 

أعلنت ليلى سويف وصول نجلها إلى لندن عبر منشور على فيسبوك، بينما عبّرت شقيقته منى سيف عن فرحتها قائلة إن العائلة ظنت أن لحظة وصوله باتت مستحيلة. وأشارت إلى أن مئات المتضامنين حول العالم لعبوا دورًا أساسيًا في تحقيق هذا التطور، معتبرة أن الحرية الحقيقية بدأت الآن، وأن العائلة تستطيع أخيرًا الشروع في التعافي بعد سنوات من القلق والاستنزاف.

 

ابن ينتظر أباه ومستقبل مفتوح

 

يمتلك عبد الفتاح ابنًا مراهقًا، خالد، يعيش في مدينة برايتون البريطانية، ويلتحق بمدرسة مخصّصة لذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة. زار الابن والده في القاهرة بعد الإفراج عنه في سبتمبر، في لقاء عائلي وُصف بالمؤثر، لكنه لم يكن كافيًا في ظل استمرار حظر السفر. أكدت شقيقته سناء حينها أن خالد يحتاج إلى والده قربه، وأن استقرار الطفل في مدرسته وحياته اليومية في بريطانيا لا يحتمل مزيدًا من الاضطراب.

 

رحّب جيمس لينش، من منظمة فير سكوير الحقوقية، بعودة عبد الفتاح إلى بريطانيا، معبرًا عن أمله في أن يشكل هذا التطور بداية فصل جديد للعائلة بعد معاناة طويلة. وأكد أن لمّ شمل الأب بابنه يحمل دلالة إنسانية عميقة، تتجاوز البعد السياسي للقضية.

 

برز علاء عبد الفتاح كأحد الأصوات المؤثرة خلال ثورة يناير 2011، وارتبط اسمه بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، كما حصدت كتاباته المباشرة وغير الطائفية جوائز دولية. ورغم أن رئيس الوزراء البريطاني لم يوجّه انتقادًا صريحًا لأحكام القضاء المصري، فإنه عبّر عن ارتياحه لعودة عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة، وشكر رئيس الانقلاب السيسي على قرار العفو، معتبرًا القضية أولوية لحكومته منذ توليها السلطة.

 

يمثل وصول عبد الفتاح إلى لندن، وفق متابعين، خطوة رمزية وسياسية في آن واحد، إذ تعكس أثر الضغط الدولي المتراكم، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة في حياته الشخصية، مع بقاء قضيته مثالًا حيًا على تعقيدات العلاقة بين حقوق الإنسان والدبلوماسية في المنطقة.

https://www.theguardian.com/world/2025/dec/26/british-egyptian-activist-alaa-abd-el-fattah-arrives-in-uk-after-travel-ban-lifted